ما معنى أن ننبش أرجاء الذاكرة المُرة للبحث عن طيف من المجد والرفعة للنهوض من تلك الكبوة المقررة مثل بعض المناهج البالية .. أو التململ من ذلك المستنقع الآسن ..

تحدثنا النفس عن خطب عظيم حدث .. ثم تسلينا ذات النفس بسماع أغنيات الأحلام الوردية .. ونتصارع سوياً مع هذا وذاك في محاولة للتعايش .. أو الرفض دون عناء أو هجاء ..

إننا نعود ثانية وثالثة وعشرات المرات للبحث هذه المرة عن ذلك الخيط الموصل إلى تلك القضية الأزلية الضائعة داخل أروقة هؤلاء الخصماء الأقدمين .. أو أولئك اللاعبين بنا وبمصائرنا .. وبالوقت.. أرباب نزعات الصمت المريب..

نُحاصر بالحقائق ويلاحقنا الظلام .. حتى لا يبقى لوجودنا وجود ..
قد نُصاب قسراً باليأس ثم نحاول الهروب .. ولكن ما نتحرك إلا وتأتينا نوبات وإغماءات صداع متكرر..
ولا مناص .. من كل ذلك إلا إليه .. !!

تحوم علينا القضايا وتدور بنا في دائرة مفرغة مفزعة .. مغلقة .. ثم لا تتضمن إلا تلك المهاترات الزائفة .. والتي سبقها ذلك التزييف التاريخي الغارق في بطون القدم ..

هنالك من عمد إلى سياسة التكميم بعدما يُصيب من حوله بالخدر ..
عند ذلك .. تتعاقب الأيام بأفراحها وأتراحها .. ونعيش بها ومعها وسط الغيوم والقيود الغليظة.. بحثاً عن نجاة..

تروي الأساطير “الحديثة “.. أن الحكاية بدأت ولا مازالت لم تنته .. وتشعب معها كل صراع وأنين حتى ثناثر من بين أطرافها المهترئة كل الطغاة ..

وهكذا يسير السائرون في معين ظلالها سيراً إلى حيث السراب ..محاولين ومتلفتين للوصول إلى شيء ما .. أو إلى أي هدى يوصل لشاطئ الأمان .. ولكن ما زالت المحاولات جارية ..

هنالك من ينتظر الصعود إلى نبض الحياة ..
وهناك من يركض إلى حيث ذلك المكان المشرق خلف الأستار الغليظة ..
وهناك من يتربع على ذاكرة الليل احتماءً بالقمر من الكوابيس ..
وهناك من يسأل عن سبيل .. ولكن ما هي إلا عيون شاحبة حزينة وسط رمال الصحراء المتدثرة بلفيح الغبار ..

لم يبق من الضمير الحي يوماً ما إلا عثرات الطريق والقصور المهدمة وأشباح البيوت وفوهات المدافع ..

وهناك في أقصى الأرض وسط طريق ضائع تحت سقف المبادرات والقرارات .. حتى الكلمات تغيرت ألفاظها وغدت تلقى بلغة غير مفهومة ..

إننا لا نريد منك أيها الوطن القابع وراء الأسوار إلا معذرة وسماحاً .. في جو لم يُعد يُتنفس في كل أرجاءه إلا ذلك الغبار الكالح السواد برياحه السامة ..