المقصود بغرب أفريقيا المنطقة الواسعة التي تمتد من المحيط الأطلسي في الغرب حتى سودان وادي النيل في الشرق والتي تقع بين المناطق الصحراوية أو شبه الصحراوية في الشمال وبين نطاق الغابات الاستوائية في الجنوب وكانت بدايات انتشار الإسلام في غرب أفريقيا بفضل هجرات القبائل العربية وقبائل البربر التي أخذت تهاجر إلى غرب أفريقيا وتبسط نفوذها هناك خاصة قبائل بني هلال  وبني سليم مما دفع القبائل المحلية من البربر بالتحرك جنوبا بعد اعتناقها الإسلام تحركت قبيلة جدالة جنوبا َ وعبرت نهر النيجر في طريقها إلى السودان الغربي فكانت هذه القبائل حلقة الاتصال بين المغرب بشعوبه وثقافته والمحيط الأفريقي الذي يمتد حتى بحيرة تشاد.

وكان لدولة المرابطين ومؤسسها عبد الله بن ياسين موحد الصحراء في المغرب الأقصى بداية مهمة في سنة 430هـ وتوفي 451 هـ وقد امتدت نفوذها من تونس شرقا إلي المحيط الأطلسي غربا ومن البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى حدود السودان جنوبا علي عهد قائدها يوسف بن تاشفين وكان لهذه الدولة أسطول ضخم مسيطر علي مياه البحر المتوسط وكان من فضل الله علي الإسلام والمسلمين قيام هذه الدولة التي أخرت سقوط الدولة الاسلامية في الأندلس طوال أربعة قرون من الزمان، ومن مؤشرات تلك المرحلة التاريخية بملابساتها الدينية والاجتماعية والسياسية قيام دولة المرابطين التي تأسست علي مبادئ ثلاثة كما يلي :

1 – رسوخ مبادئ الإيمان وتقويتها في النفوس

2- إقامة شعائر الإسلام وفق ما جاء ت به السنة

3- الرجوع بالقانون الديني والمدني إلي مذهب مالك وذلك لخلق عاطفة دينية مشتركه بين القبائل الصحراوية وتكون أكثر ملائمة للحضارة الإسلامية والمجتمع العربي.

واتخذت دولة المرابطين من الجهاد ونشر الإسلام هدفا أساسيا جندت له كل إمكانياتها و على يد أبوبكر بن عمر سقطت إمبراطورية غانا القديمة وتحولت للإسلام واستغرقت جهود عبد الله بن عمر أكثر من خمسة عشر عاما ثم بعدها اسلم ملوك غانا والذين بدورهم  يقومون بالجهاد ونشر الإسلام .

وترك المرابطون أثارا عميقة في ثقافة وحضارة غرب أفر يقيا ومن أعظم الآثار التي كانت في عهدهم تأسيس مدينة تمبكتو في أواخر القرن الخامس من الهجرة وأصبحت أعظم الحواضر الإسلامية في غرب أفريقيا.

فسارت مملكة غانا  مع بدايات في القرن الرابع حتى القرن الحادي عشر الهجري مملكة إسلامية ذات حضارة مزدهرة وقد امتد نفوذ هذه الدولة إلي شمال النيجر الأعلى وشماله الغربي حدودها الشرقية نهر النيجر والغربية نهر السنغال والشمالية الصحراء وقد سماها القزازي الذي زارها عام 200 هـ أرض الذهب ولم تدون أخبارها إلا في القرن الثاني الهجري عندما زارها الرحالة وهب ابن منبه عام 137هـ وقد زارها المسعودي عام 312 هـ ثم الزهري والبري الذي شهد أواخر أيامهم عام  هـ476 عندما قام المرابطون إخضاعها تحت زعامتهم ذكر جميع الرحالة أن غانا عرفت الحديد وصناعة الأسلحة كما عرفت الذهب الذي يتاجرون به مع أهل الشمال ويبادلونه بالملح والسلع الأخرى وفي موضع أخر يقول المسعودي ( كانت دولة قويه اعتمدت علي التجارة المنظمة فأن أهل  غانا لم يتعلموا التجارة فقط بل مارسوا فنونها ووضعوا قواعد للضرائب والرسوم الجمركية فمثلا كانت الحكومة تفرض دينارا من ذهب علي كل حمل حمار من الملح يدخل المدينة وكل ذلك يعكس لنا حالة الثراء ونعمة الأمن والطمأنينة التي كان ينعم المسلمون بها في إفريقيا كما يعكس لنا التقدم الحضاري الذي كانت عليه حياتهم .

ولما انتهت إمبراطورية غانا الإسلامية قامت على أثارها مملكة مالي من القرن الثالث عشر إلي القرن الخامس عشر الميلادي قامت عام 640هـ أي قبل انهيار الخلافة العباسية بقليل وقد اتسعت حدودها اتساعا كبيرا نحو الشرق  حتى النيجر الأوسط كما اتسعت نحو الغرب فشملت أراضي السنغال الحالية عدا الأجزاء الممتدة في الصحراء أشهر ملوكها منسي  موسي الذي سافر لحج بيت الله الحرام ومعه قافلة من أتباعه وحاشيته وجواريه قدروا بالمئات مارا بالقاهرة عام 724هـ 1324 م  حيث استقبلها سلطانها الملك الناصر محمد بن قلاوون وانزله القلعة وأكرم قادته وقد سجل العمري هذه الزيارة وأخبارها وكتب حسن بن الوازن    يصف الحياة العقلية في تمبكتو أنها احتضنت عددا كبيرا من القضاة والأطباء ورجال الدين ينعم كلهم بمرتبات حسنة يدفعها لهم الملك وفي البلاد إقبال عظيم علي الكتب المنسوخة التي ترد من الشمال الإفريقي وتجار الكتب يريحون أكثر متن تجار أي صنعة أخري في السوق كما زار هذه المملكة الرحالة ابن  بطوطة ووصف الرخاء والإماء والتجارة والصناعة وجميع مظاهر الحياة .

ثم  قامت على أنقاض مملكة مالي مملكة صنغي الإسلامية من القرن الخامس عشر إلي القرن السابع عشر الميلادي يرجع قيامها إلى النصف  الأول من القرن السادس الهجري وقد قامت علي نهر النيجر الأوسط واتخذ زعماؤها مدينة جو في مالي حاليا عاصمة لهم وأول زعمائها ضياء بن قس 409 تقريبا  وقد اهتم شعبها بالأدب والعلوم والتدوين بعد أن اعتنقوا الإسلام وتعلموا اللغة العربية وبعد إسلامهم امتدت حدودها لتشمل دولتي غانا ومالي واتسعت نحو الشرق إلى حدود  النيجر، ومن ملوكها سني علي 864 و اسكي العظيم واسمه محمد توري 893 الذي مد مملكته في الغرب والشمال ونظم إدارتها تنظيما لم يسبقه أحد من قبله ووجد كلمتها في ظل  الدين الإسلامي الذي قضي علي العصبيات وبدأ حكم هذه المملكة يتدهور مع الهجمة البرتغالية.

وكانت مملكة كانم قامت في أقصى الشرق حول بحيرة تشاد وامتد سلطانها إلي أراضي غانا ومالي في الغرب قال عنها أحد الغربيين كانت في القرون الوسطي أستاذة الحضارة السودانية وكانت تدين بالإسلام وتكتب بالحروف العربية كانت تسيطر علي أهم الطرق التجارية التي يربط المنطقة بساحل البحر المتوسط عند قزان وبوادي الني عن طريق دارفور ووصلت إلى قمة التقدم عام .

ولقد لعبت التجارة دورا مهما في نشر الإسلام والثقافة العربية في غرب أفريقيا فكانت أخلاق التجار المسلمين وما عرف عنهم من الأمانة والنظافة وحسن الخلق سببا في دخول الكثير من الأفارقة في الإسلام. وكان بعض التجار يجمع بين التجارة والعلم فكانوا ينشؤون حلقات تعليم القرآن  ومن القبائل التي لعبت دورا هاما في التجارة عبر الصحراء قبائل صنهاجة ولمتونة و جدالة فكان لهم دور هام في نشر الإسلام في غرب إفريقيا وأنشأوا مراكز تجارية مثل أودغشت التي صارت مصدر إشعاع ديني وثقافي .

وكانت لفريضة الحج دورا مهما في نشر الإسلام حيث حرص سلاطين الدول الإسلامية في غرب إفريقيا على أداء هذه الفريضة وكانت قبائل الهوسا من أحرص القائل على أداء فريضة الحج .

وارتبط انتشار الدعوة الإسلامية في غرب أفريقيا بالذات بانتشار الطرق الصوفية والأخص الطريقة القادرية والتيجانية. ولقد توافد على غرب أفريقيا العديد من العلماء ورجال الدين من مختلف الأقطار الاسلامية للتدريس في مدارس ومساجد تمبكتو وجنى ومالي وغيرها من حواضر غرب أفريقيا إحساسا منهم بواجبهم تجاه إخوانهم في هذه البلاد وأسهم هؤلاء في نشر الثقافة العربية والإسلامية.

وارتبط انتشار الإسلام في غرب أفريقيا بالحركات الإصلاحية التي قامت بغرض تخليص الدين مما علق به من شوائب واستطاع هؤلاء الزعماء أن يجمعوا حولهم عدد من الأتباع والمريدين لما رأوا فيهم من التقوى والصلاح ومن هذه الحركات حركة الشيخ عثمان بن فودى الذي استطاع أن يقود قبائل الفولاني ويؤسس سلطنة سوكوتو التي لعبت دور هاماً في نشر الإسلام في غرب أفريقيا. وقام دوره على الوعظ والإرشاد وتأليف الكتب الإسلامية وكذلك على الجهاد من إمارة جوبير  وأقام  دولة إسلامية حملت لقب الخلافة الإسلامية في سوكوتو وظل أبناؤه يحكمون هذه الدولة الواسعة طوال قرن من الزمان وكان لأحفاده شرف النضال والكفاح ضد الأوربيين  وشهداء العقيدة الإسلامية في أوائل القرن العشرين  .

وكان نتيجة الجهود السابقة للمرابطين القبائل العربية والمصلحين والدعاة والتجار المسلمين أن انتشر الإسلام في غرب أفريقيا  وأصبحت دولا ذات أغلبية مسلمة في غرب أفريقيا مثل نيجيريا وجامبيا وكان الإسلام راسخا فيهم وفي سيراليون وغانا  فعندما واجهت هذه الدول التحدي التنصيرى  البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى لم ترضخ لهذا التحدي بل عرفت أغراضه ووقفت له بالمرصاد وإن كانت البعثات التنصيرية عملت في المناطق الوثنية.