هل فكرت يوما أن العمل التطوعي ليس بالجديد عليك؟! فكل إنسان بداخله ذلك المتطوع الصغير الذي يعمل بكل جهد ليساعد غيره، والدليل على ذلك هو ما تفعله حين ترى ضريرا أو شيخا يطلب المساعدة.. ولكن تكمن المشكلة في أنك قد لا تجد ذلك المتطوع الصغير بداخلك؛ لن تجده لأنك دفنته وأردته حبيسا أو أنك لم تبحث عنه..

حكاية متطوع

سأروي لك حكاية متطوع لعلها تساعدك في إيجاده داخلك..

إنه شاب يدرس بالجامعة –أو المفترض كذلك– ليلا ونهارا تجده في المقاهي أو في إحدى غرف الدردشة على الإنترنت، وبالصيف تجده نائما صباحا وبالمقاهي ليلا -وكذلك حال الكثير- ظل ذلك الشاب على هذا الحال سنين حتى جاءته الفرصة ليكتشفه؛ فوجده ولم يتركه.. إنه المتطوع داخله.

كان بالجامعة ووجد بعض الشباب والبنات يدعون الطلبة من أجل التبرع بدمهم فذهب من أجل التجربة، ولكنه استمع إلى حديث غيّر حياته تماما؛ كانت فتاة من المتطوعين تحدث زميلتها عن جدول أعمالهما ليوم واحد والذي كان حافلا بالأعمال والمقابلات المختلفة، وبالطبع كانت معظمها أعمالا تطوعية من مساعدة محتاجين وجمع أموال وزيارة مرضى وغيرها.. شعر آن ذاك ذلك الشاب بالصغر؛ لأنه اكتشف أن حياته فارغة، وشعر بحرقة داخله تدعوه لفعل شيء قد يساعد غيره من الناس بعد أن سمع عن أحوالهم وكيف أن مجرد كلمة أو زيارة تصنع الكثير، ومن هنا قرر البداية واشترك في إحدى الجمعيات الخيرية كمتطوع لا يهمه مالا ولا عرفانا، ولكن يشغل باله كيف سيحدث فرقاً في حياة إنسان.

“المرء على دين خليله”، فنقطة المياه التي تقع في النهر تسير في مجراه، وكذلك الإنسان يسير في الطريق ذاته مع أصدقائه؛ فتغير الشاب وتغيرت أفكاره وأهدافه فأصبحت خدمة الغير غايته وحب العمل التطوعي بدمه، فتجده الأول في مساعدة أصدقائه في الدراسة، والأول في مساعدة الفقير، والأول في إزاحة الأذى عن الطريق.. إلخ.

تغيرت الحياة ولم تعد كسابق عهدها فارغة بلا هدف، وآمن الشاب أنه إذا فعل كل الناس مثله لانتشر الأمن والرخاء وتقدمت الأمم والبلاد.

فهلا بحثت عن ذلك المتطوع داخلك؟.. قد تجده في مساعدة طالب على الدراسة، أو التكفل بمصاريف أسرة فقيرة، أو تبرع بدم، أو نشر توعية، أو غيرها من الأعمال التي قد تفيد فردا أو أسرة أو أمة.. ستجده لأنه بداخلك بالفطرة.


يحيى السيسي