بسم الله، والحمد لله، والصلاةوالسلام على رسول الله، وبعد:
فكفالة اليتيم أمر قد رغبنا الإسلام فيه ترغيبا شديدا ووعدعليه بالجنة ، ووصي باليتيم خيرا ، وحذر من الإساءة إليه ، والآيات والأحاديث فيذلك كثيرة ، منها قوله تعالى : ( وآتوا اليتامى أموالهم ) وقوله تعالى: (ويسألونك عناليتامى قل إصلاح لهم خير ، وإن تخالطوهم فإخوانكم ) وكذلك قوله: ( واعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى) وقوله: ( أرأيت الذي يكذببالدين ، فذلك الذي يدع اليتيم ) وقوله سبحانه: ( وأما اليتيم فلا تقهر).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم فيالجنة هكذا) ، وأشار بأصبعيه : السبابة والوسطى ( متفق عليه).
‏ وليست هناك شروط لهذه الكفالة إلا العدل والإحسان وتجنب ظلماليتيم .
وهذه الكفالة مرتبطة باليتم ، واليتيم هوالذي مات أبوه ولم يبلغ مبلغ الرجال ، فإذا بلغ الصبي الرشد لم يعد يتيما ، إلا إذاكان في عقله سفه أو جنون ؛ فيظل في حكم اليتيم وتستمر كفالته ، والبنت تظل فيالكفالة حتى تتزوج ، لقوله تعالى : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإنآنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم).
فإذا بلغ الصبياليتيم رشيدا ولكنه فقير فيكون الإحسان إليه من باب أنه فقير .
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر:
اعلمْ أن اليتيم شرعًا هو صغيرٌ ماتَ أبوه، فإذابلغ الحُلُم لم يَعُدْ يَتِيمًا، ولكن لا يُسلَّم له مالُه ـ إن كان له مال ـ إلاإذَا بلغ الرشد، وذلك يُعرَف باختباره في التصرُّفات المالية وغيرها، فإذا رأيناهيُحسن التصرُّف سلَّمناه ماله، لقوله تعالى: (وابْتَلُوا اليَتَامَى حتَّى إذَابَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إليهمأمْوالَهمْ …) الآية (سورة النساء: 6) ومعنى (ابْتَلُوا اليتامى): اخْتَبِرُوهمْفي الأعمال والتصرُّفات المالية وغيرها حتى تَعلموا أنهم قادرون على إدارة أموالهمبخِبرة وحِكْمة.(انتهى)
أما وضع اليتيم مع الأسرة ‏:فإنهأجنبي عنها ، فإذا بلغ وجب معاملته كأجنبي ، وقدأبطل الله التبني وحرمه ، معالترغيب في كفالته ، فلا يحرم تزوجه من أولاد المتبني ؛ مالم يوجد مانع آخركالرضاعة، ويجب على زوجته وبناته التحجب أمامه منذ البلوغ أو انتباهه لأمور النساء، ويحرم عليهن الخلوة به وغير ذلك مما ينطبق على الأجنبي .
كما يجب أن يفصل بينه وبين أولادالكافل له المختلفين عن جنسه ؛ في المضجع الذي ينامون فيه ، إذا قارب البلوغ ،لأنالفصل بين الذكور والإناث واجب منذ بلوغهم العاشرة ولو كانوا إخوة ، لقوله صلى اللهعليه وسلم : ( مروا أولادكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم فيالمضاجع ).
فاليتيم الذي هو أجنبي أولى.
والله أعلم

ويمكنكم قراءة الفتوى التالية

كفالة اليتيم : فضلها وصورها
الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر