وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخي الفاضل. ونرجو أن يجعل الله تعالى ما تشكرنا لأجله في ميزان حسنات كل من ساهم فيه، ونشكر لك اهتمامك بأمر تثقيف ابنتك، وإحسان تربيتها، وإعدادها لصناعة شعب طيب الأعراق، فكما قال شوقي:
الأم مدرسة إذا أعددتها…………أعددت شعبًا طيب الأعراق

ولقد فتحت موضوعًا غاية في الأهمية وهو موضوع التربية الجنسية، وهو أمر يجب التعامل معه بقدر متوازن من الاهتمام، مع عدم إثارة الفضول لدى الأبناء في نفس الوقت، فيجب عدم تركه أو حظره بالكلية، بحيث يصبح مصدر معلوماتهم من غير الموثوق بهم من الأصدقاء أو الجيران. وفي نفس الوقت يجب عدم التوسع في تناوله بشكل يثير مزيدًا من الفضول، فما زاد عن حدِّه انقلب إلى ضده.

وعمر ابنتك عشر سنوات، وهو سن مناسبة لبداية الحديث عن التغيرات والتطورات الفسيولوجية التي ستبدأ الفتاة في استقبالها في شهورها وأيامها القادمة، لكيلا يصيبها منها الفزع أو الاضطراب. ولكن هناك نقطة غاية في الأهمية، وهي أن الأم هي المنوط بها فتح مثل هذه الموضوعات مع الفتاة وليس أنت، فالأب يمكنه التعامل مع ولده في هذه الأمور، أما الفتاة فصديقتها ومعلمتها لمثل هذه الأمور هي أمها أو من تقوم مقامها من خالة أو عمة أو معلمة في حالة غياب الأم لأي سبب من الأسباب.

وتبدأ الأم في الحوار الهادئ مع الابنة حول ما سيحدث بجسدها من تغيرات كظهور بعض الشعر في بعض الأماكن من جسمها، وتغير سريع في معدل نموها، وطول قامتها، وبروز ثديها، وهو ما يعني بداية لفترة جديدة تستلزم الاستجابة لأحكام التكليف، وهو ما يعني الالتزام بالآداب في الحديث والاختلاط بالناس، فلم تَعُد بعد طفلة، بل أصبحت فتاة كبيرة جميلة لها احترامها وحياؤها الذي يزينها ووضعها الذي ينبغي أن تحافظ عليهما مع الناس، كما يجب التأكيد على كون هذه الفترة بداية للتكليف الذي يستلزم منها الحفاظ على أداء الفرائض بكل انتظام ودون تفريط من صيام، وصلاة، وحجاب، وغيرها.

كما يجب الحديث معها حول ما سيطرأ على مشاعرها من تغير تجعلها أكثر حساسية وأكثر ميلاً أو نفورًا للجنس الآخر، وما يجب أن تعلمه جيدًا أنها مشاعر مؤقتة مرّ بها الجميع، لكنها تمضي إلى حال سبيلها، ويجب ألا تصدق أو تتطور؛ لأنها ليست حقيقية أو ناضجة، كما يجب إخبار الأم بكل ما تتعرض له الابنة من مواقف ومشاعر، فهي على أعتاب مرحلة هي عبارة عن مشاكل حلولها الصداقة ،مرحلة تحتاج منكما أن تكونا لها(آذان مصغية ) كما تحتاج شأنها شأن كل من في هذه المرحلة إلى الإعلام الجنسي وثقافة الاستعفاف

ثم أتوجه بالحديث إلى الأم التي أؤكد معها على الأمور التالية:
1 – يجب أن يسود على كلامك مع الابنة بشأن هذه الأمور الشكل العلمي للحديث.
2 – يجب أن يمزج الكلام دائمًا بالروحانيات كحكمة الله سبحانه وتعالى في خلقه، ورحمته في الإعداد المتدرج للإنسان لتحمل المسئولية، وعظمته في حفظ النوع والنسل؛ ليظل الأمر في إطار العلم والتفكر ولا ينحو الحديث نحوًا آخر.

3 – يجب عدم التوسع في سرد تفاصيل، ويستحسن أن تدار الأحاديث على شكل أسئلة وأجوبة، فتسأل الابنة وتجيب الأم على قدر السؤال دون توسع، مع تحري الفطنة هل اكتفت الابنة بالرد أم هي في حاجة لمزيد من التفاصيل أم أنها يمنعها الخوف من السؤال، وستجدين تفصيل ذلك في موضوع “التربية الجنسية.. متى وكيف؟” الذي سنورده لكم بنهاية الاستشارة.

4 – يجب عدم التبرع بفتح موضوعات دون الرغبة المُلِحّة من الابنة في معرفتها أو دون وجود حاجة لفتحها في الوقت الحالي.
5 – يجب التدرج في توصيل المعلومات على حسب السن وما تريد الفتاة أن تعرفه، ففي سنها الحالي يكفي الحديث عن البلوغ المحتمل، وفيما بعد يمكن الحديث عن حكمة الله عز وجل في الأمومة، ثم فيما بعد عن خلق الإنسان من نوعين مختلفين (الذكر والأنثى)؛ ليكون للمخلوق أب قوي مدافع وأم حنون تحتويه، وأن هذا يحدث بشكل معين يعلمه الله للناس حين يحين أوانه، وما زلت أؤكد على كون الحديث بشكل علمي ممزوج بالدين.

الوالدان الكريمان.. أسعدكما الله تعالى بالابنة الغالية، وأعانكما على تربيتها في زماننا الصعب.. ولا تنسوا أن تكثروا الدعاء لها بما دعت به امرأة عمران لابنتها مريم أن يعيذها الله وذريتها من الشيطان الرجيم.

ولمزيد من التفاصيل المهمة حول هذا الموضوع يمكنكما مطالعة الاستشارات التالية:
هل هيأت ابنتك لدخول المراهقة؟ – متابعة
تتويج البلوغ بتاج المعرفة
التربية الجنسية.. متى وكيف؟
أسئلة جنسية.. الآباء يتهربون والأبناء يلحون
في عطلة الصيف.. هو وهي معًا بالإجبار!

د/ إيمان السيد