لا بأس من التبرع بالدم لغير المسلم إن لم يكن حربيا، أما الحربي فيجوز التبرع بالدم له إن كان أسيرا، وإن لم يكن أسيرا فالمسألة فيها تفصيل.

نناقش في هذا السؤال أمرين، حكم التبرع بالدم أولا، ثم حكم التبرع لغير المسلمين.
فقد أجاز الفقهاء التبرع بالدم التبرع مطلقا فإنقاذ نفس إنسانية من الهلاك يُعدُّ من أعظم القرب والطاعات التي يُتقرب بها إلى الله ، قال الله –تعالى-:” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” [المائدة:2]
وفي الحديث” والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” رواه مسلم من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه.

وقد أجاز مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في مكّة المكرّمة في دورته الثامنة المنعقدة بين 19 – 28 يناير 1985 (أخذ عضو من جسم إنسان حي، وزرعه في جسم إنسان آخر مضطرّ إليه، لإنقاذ حياته أو لاستعادة وظيفة من وظائف أعضائه الأساسية).

والدين الإسلامي يقوم على مبدأ احترام النفس الإنسانية، فإن كان هذا المريض الذي يحتاج للتبرع غير المسلم، وكان لا يعادي الإسلام ، ولم يرتكب جرما في المسلمين فلا مانع من التصدق عليه بالتبرع بالدم، وهذا يعدُّ من أفضل القربات وأعظمها، كما أنه يبين صورة الإسلام المشرقة.

أما إن كان الكافر حربيا فلا يخلو الحال من أمرين إما أن يكون هذا الحربي قد سقط أسيرا في أيدي المسلمين وهو جريح يحتاج للتبرع بالدم، ففي هذه الحال على المسلمين أن يعملوا على علاجه لأنه يأخذ في هذه الحال حكم الأسير، ومن أهم حقوق الأسير الاحترام.

الأمر الثاني ألا يكون الحربي أسيراً لدى المسلمين ويحتاج لدم، وهذه الحال تحكمها عدة أمور، أولا إن كان هذا الحربي من بلد تحترم حقوق الإنسان، وسبقت لهم منا معاملة حسنة، فقدموا لنا ما كان فيه العلاج لمرضانا، ففي هذه الحالة يجب على المسلمين أن يحسنوا إليهم كما أحسنوا إلينا.

أما إن كان هذا الحربي من بلد لا يتورع عن قتل المستضعفين من الشيوخ والمرضى والنساء ففي هذه الحال لا يجب على المسلمين تجاه هذا الحربي، وفقه المآلات في هذه المسألة بابه واسع، وكل حالة لها حكمها، فمثلا إن طمع المسلمين في تحسين صورتهم العالمية، أو طمعوا في إسلام هذا الرجل فيجوز لهم هذا الحال، فقد أهدى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان تمر عجوة حين كان بمكّة محارباً واستهداه أدماً. طمعا في إسلامه.

الخلاصة :
غير المسلم إن لم يكن حربيا فيجوز التصدق عليه عن طريق التبرع بالدم، أما الحربي فالأمر معه يختلف والمسألة فيها تفصيل، وكل حالة لها حكمها الخاص بها.