يعتبر الموسيقار التركي “عمر فاروق تاكبيليك” أحد الرواد البارزين الذين ساعدوا في إبراز موسيقى الشرق عامة والترويج لها، ومنحها مساحة مميزة على الساحة الفنية العالمية وذلك من خلال نشر الأصوات والآلات الموسيقية الشرقية ومزاوجة ذلك مع الاتجاهات العالمية السائدة كالفلامنكو والموسيقى الإفريقية وموسيقى أمريكا اللاتينية.

ولد “فاروق” في إحدى قرى الأناضول بتركيا عام 1951، لشقيق موسيقي موهوب كان ملهمه ومعلمه الروحي الأول، فأتقن العزف وهو في عمر الثامنة.


درس الفلسفة الدينية، وكان ينوي أن يصبح عالمًا صوفيًّا، كما درس علم الأفكار، وفي سن الخامسة عشرة ترك الدراسة مدفوعًا بحُلمه الكبير في أن يصبح موسيقيًّا محترفًا ومشهوراً.

قصد إستانبول في سن السابعة عشرة ليلتقي هناك بدراويش المولوية، فالتحق بشيوخ الطريقة، فتأثر بعمق بأسلوبهم الغامض في التعامل مع الأصوات والموسيقى، وسرعان ما ظهر التأثير الثاني متمثلاً في عازف الساكسفون “برهان تونغوش” الذي كان يحمل آراءه ونظرياته الموسيقية الخاصة وغير المألوفة.

بعد أن وضع نفسه كواحد من أفضل عشرة موسيقيين في تركيا، وفي عام 1971، قام بإطلالته الأولى على العالمية، فقام بأول جولة في الولايات المتحدة بصحبة إحدى فرق الموسيقى التراثية التركية، وهناك التقى بـ”برايان كين” الذي قدم فاروق إلى الأوساط الموسيقية التي سرعان ما أشادت بموهبته المتميزة في العزف على آلتي العود والناي.

وبعد أن كان فاروق زبونًا دائمًا في أستديو الموسيقي الأمريكي “برايان” أصبح شريكًا له، ومنتجًا لأعماله منذ أن نفذا معا أول ألبومات فاروق الموسيقية “سليمان القانوني” في العام 1988، الذي وظفت موسيقاه في فيلم يحكي قصة حياة السلطان العثماني المشهور.

ومن ثم تعاونا في إنجاز سلسلة من الأعمال الموسيقية التي أثارت الاهتمام والإعجاب، ومن أهمها “الحديقة الصوفية – أنغام سماوية”، و”حقيقة واحدة”، و”رقصة الأبدية”، و”ما وراء السماء.

كانت تلك الأعمال وغيرها كثير ثمرة لإتقان “برايان كين” العزف على آلة الجيتار وبراعته في مزج الأصوات، ونتيجة مباشرة لإبداع فاروق الذي يمتلك مخزونًا ثريًّا من الموسيقى والأنغام التركية والعربية والشرقية بشكل عام.

الموسيقى التي يقدمها فاروق وبحسب وجهة نظره هي “حياة”، “إنها نوع من الصلاة” كما قال في أكثر من حوار صحفي، وهذا ما يؤكده تقديمه لموسيقى متجذرة في تقاليده وتراثه الشرقي، ومع ذلك نراه متأثرًا بكثير من الأصوات العالمية المعاصرة ليصبح رمزًا للتنوع والثراء.

 يرى في الموسيقى نوعا من الحياة

ويلحظ المستمع لموسيقاه سحر الشرق، والتحليق في عوالم الخيال، ورومانسية علاء الدين، والأميرة الحالمة، وأحوال التصوف والعشق الإلهي، والتشبع بالموسيقى المولوية ورقصات الدراويش.

يرى فاروق أن الإبداع الموسيقى ينبع من أركان أربعة هي: التصوف، والفنون الشعبية، والرومانسية، والخيال.

ساهم بموسيقاه في إخراج العديد من الأفلام السينمائية والأعمال التلفزيونية، وكذا العشرات من التسجيلات الموسيقية العالمية الدينية. كما لوحظ في الفترة الأخيرة استخدام موسيقاه في كثير من الأعمال الدرامية العربية والإعلانات التجارية في الوطن العربي.

جال على نطاق واسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وأستراليا وأمريكا الشمالية والجنوبية.

وهو حائز على جائزة الموسيقى التركية لعام 2003 (أفضل فنان) والمقدمة من رابطة الكتاب الأتراك. كما رشح عام 2003 لجائزة الموسيقى العالمية التي تنظمها هيئة الإذاعة البريطانية عن فئة الشرق الأوسط. وقد تسلم جائزة “الموسيقي الذهبي” في الولايات الأمريكية عام 1998 وعام 1999.